هل يجب علينا ترك ما تركه رسول الله ﷺ ؟
قال في النقض ص 101: إنه لو كان الـمقام زمن النبي ﷺ تحت البيت ونزلت الآية وهو هناك وصلى خلفه في حجة الوداع وتوفي وهو تحت البيت لـمـا ساغ لأحد بعده نقله عن موضعه الذي أقره فيه؛ لأن إقراره له تشريع وتوقيف لا اجتهاد لأحد فيه بعده كائنًا من كان.
فالجواب: إن الكلام يتفرع في هذا الـمقام عن أمرين:
أحدهما: هل يجب علينا ترك ما تركه رسول الله ﷺ؟
الأمر الثاني: هل يجب علينا فعل ما فعله رسول الله ﷺ.
أما الأول: فقد نص أهل الأصول على أنه لا يجب علينا ترك ما تركه رسول الله ﷺ خاصة فيما يتعلق بأمور الحياة، أما ما شأنه التعبدات وما يقصد به صاحبه القربى والـمثوبة، فهذه هي التي يجب علينا تركها لترك رسول الله لها، ولعدم سبق مشروعيتها وتسمى بالبدعة، لكونه ابتدع فعلها على غير مثال سبق من الشارع في مشروعيتها؛ لأن العبادات مبناها على التوقيف والاتباع لا على الاستحسان والابتداع، وعليه يدل حديث عائشة، أن النبي ﷺ قال: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا، فَهْوَ رَدٌّ»، ولهذا قال بعض السلف: كل عبادة لم يتعبدها رسول الله ولا أصحابه فلا تتعبدوها فإن الأول لم يترك للآخر مقالا.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " تحقيق المقال في جواز تحويل المقام لضرورة توسعة المطاف بالبيت الحرام " / الفصل الخامس عشر - المجلد (5)