أخذ ابن حمدان بعض كلام ابن جرير وترك بعضه، لقصد التدليس والإيهام والتلبيس
وصاحب النقض (يعني ابن حمدان) أخذ حكاية ابن جرير عن عرف الناس وترك تصحيحه للمقام، وأنه الـمعروف بهذا الاسم في الـمسجد الحرام لقصد التدليس والإيهام والتلبيس على الأذهان، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تَلۡبِسُونَ ٱلۡحَقَّ بِٱلۡبَٰطِلِ وَتَكۡتُمُونَ ٱلۡحَقَّ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٧١﴾ [آلعمران: 71]. فلبس الحق بالباطل هو تغطيته به بحيث يظهر للناس أنه حق وهو في الحقيقة باطل، وهذا اللبس مستلزم للكتمان فإنه من لبس الحق بالباطل فلا بد أن يكتم من الحق ما يناقض ذلك الباطل لعلمه أنه إذا اتضح الحق افتضح الباطل وإن لم يكتمه لم يتم مقصوده، ثم إن من لوازم هذا القول أن صلاة أصحاب النبي ﷺ حين انتشروا في الـمسجد الحرام يصلي كل منهم سنة الطواف وبعضهم أبعد عن موقف رسول الله ﷺ بمائة ذراع أو أكثر، أن صلاتهم هذه تذهب عليهم سدى لفسادها، حيث لم تقع منهم في الـموقع الـمأمور به فهم عاصون بفعلها لم يمتثلوا أمر الله فيها، حيث لم يقفوا موقف رسول الله من الـمقام، هذا معنى صريح لفظه ومقتضاه:
إذا غلب الشقاء على سفيه
تنطع في مخالفة الفقيه
ولا شك أن هذا واضح البطلان بإجماع علماء الإسلام.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " تحقيق المقال في جواز تحويل المقام لضرورة توسعة المطاف بالبيت الحرام " / الفصل السابع - المجلد (5)