محادثة الحجاج مع ليلى الأخيلية

فسألها (يعني ليلى الأخيلية) الحجاج عن نسبها فانتسبت له، فقال لها: يا ليلى ما أتى بك؟ فقالت: إحلاف النجوم، وقلة الغيوم، وكلب البرد، وشدة الجهد، وكنت لنا بعد الله الرفد. فقال لها: صفي لنا الفجاج. فقالت: فالفجاج مغبرة، والأرض مقشعرة، والـمبرك معتل، وذو العيال مختل، والهالك للقل، والناس مستنون رحمة لله يرجون، وأصابتنا سنون مجحفة مبلطة لم تدع لنا هبعًا ولا ربعًا ولا عافطة ولا نافطة، أذهبت الأموال، ومزّقت الرجال، وأهلكت العيال. ثم قالت: إني قلت في الأمير قولاً. قال: هاتِ. فأنشأت تقول: أحجاج لا يُفْلَلْ سلاحُك إنها الـ ـمنايا بكف الله حيث يراها أحجّاج لا تُعط العصاة مُناهمُ ولا الله يُعطي للعصاة مُناها إذا هبط الحجاج أرضًا مريضة تتبَّع أقصـى دائها فشفاها شفاها من الداء العُضال الذي بها غلامٌ إذا هزَّ القناةَ سقاها سقاها فرواها بشـرب سجاله دماء رجال حيث مال حشاها إذا سمع الحجاج رزء كتيبة أعدّ لها قبل النزول قِراها أعدّ لها مسمومة فارسية بأيدي رجال يحلبُون صراها فما ولد الأبكارُ والعون مثله بِبحر ولا أرض يجفّ ثَراها قال: فلما قالت هذا البيت قال الحجاج: قاتلها الله، والله ما أصاب صفتي شاعر مذ دخلت العراق غيرها. ثم التفت إلى عنبسة بن سعيد فقال: والله إني لأعد للأمر عسى ألاّ يكون أبدًا. ثم التفت إليها فقال: حسبك. قالت: إني قد قلت أكثر من هذا. قال: حسبك. ويحكِ حسبك.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الغناء وما عسى أن يقال فيه من الحظر أو الإباحة " / حديث ليلى الأخيَليَّة مع الحجَّاج بن يوسف - المجلد (5)