نزول النبي ﷺ في الحجر بأصحابه واستقرار نبي الله صالح والـمؤمنين فيه، دليلان على صحة السكنى فيه
فهذا الباب (يعني الباب الذي خصصه البخاري في صحيحه للحجر) بمجموع الروايات التي ساقها (يعني البخاري) فيه هي أصح وأكمل ما ورد في القضية، ففيه إثبات نزول النبي ﷺ بالحجر والنهـي عن الدخول في مساكن الـمعذبين إلا أن يكونوا باكين، وفيه أمره لهم بعدم الشرب والاستقاء من الآبار إلا من بئر الناقة وأمرهم أن يعلفوا الإبل العجين، وموضع الاستدلال من الحديث هو إثبات كون النبي ﷺ نزل بأصحابه الحجر، وأنه لو كان في نزوله حرج أو أنه متأثر بنزول السخط كما يظن بعض الناس لَمَا نزل النبي ﷺ فيه بأصحابه، وإذًا لأوجب الله على نبيه صالح والـمؤمنين معه بأن يهاجروا عنه، فإثبات نزول النبي ﷺ فيه بأصحابه واستقرار نبي الله صالح والـمؤمنين فيه، يتبين بهذين الدليلين صحة السكنى فيه بدليل الكتاب والسنة بدون كراهة لاعتبار أن أرض الحجر هي طرف من أرض الله التي خلقها الله لعباده وبسطها لهم لاستقرارهم عليها وانتفاعهم بها وتمتعهم بخيراتها وأنواع ثمراتها، وأودع فيها الـماء والـمرعى وجميع ما يحتاج إليه الأنام والأنعام: ﴿كُلُواْ مِن رِّزۡقِ رَبِّكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لَهُۥ﴾ [سبأ: 15]. ﴿هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ ذَلُولٗا فَٱمۡشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزۡقِهِۦ﴾ [الـملك: 15]. فهي موهوبة لهم من الله بقول الله تعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا﴾ [البقرة: 29]. فلم يستثن في هذا العطاء أرضًا دون أرض ولا شيئًا منها محجورًا ﴿وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحۡظُورًا﴾ [الإسراء: 20].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " حجر ثمود ليس حجرًا محجورًا " / المشكلة الأولى: استيطان حجر ثمود، وهل هو جائز أو محظور؟ - المجلد (5)