إن الله سبحانه حفظ سنة نبيّه بما يحفظ به كتابه
إن الله سبحانه حفظ سنة نبيّه بما يحفظ به كتابه وذلك بعناية العلماء الحفّاظ والجهابذة النقّاد الذين سخرهم الله لبذل مهجهم وجهودهم وجهادهم في تنقيح أحاديث رسول الله وعنايتهم بتصحيحها وتمحيصها وبيان ضعيفها وصحيحها، فكانت هي صنعتهم مدة حياتهم حتى حذقوا فيها وصاروا كصاغة الذهب يعرفون الخالص من الـمشوب؛ لأن من تردد في علم شيء أعطي حكمته وكانوا يسألون عن الرجال قبل سؤالهم عن الحديث، ويقولون: الجار قبل الدار والرفيق قبل الطريق.
فمتى ذكر الـمحدث بسوء الفهم أو النسيان أو عدم الثقة والإتقان تركوا الحديث عنه.
وعلى كل حال، فإنها لم تعن أُمّة من الأمم بحفظ حديثها ونصوص أصول دينها أشد من اعتناء علماء الـمسلمين في سلسلة إسنادهم، حدثنا فلان عن فلان عن فلان عن رسول رب العالـمين، فمتى غلط الـمحدث فأخطأ فهمه أو زل قدمه قالوا له: اثبت وانظر ما تقول، فهذا السند الذي اعتنى به أئمة الحديث في أمانة التبليغ هو من خصائص هذه الأمّة لا يشاركهم فيه غيرهم من سائر الأمم كما قيل:
قد خصت الأمّة بالإسناد
وهو من الدين بلا ترداد
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " سنة الرسول ﷺ شقيقة القرآن " / فصل في تفسير قوله تعالى: ﴿وَٱلنَّجۡمِ إِذَا هَوَىٰ١مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمۡ وَمَا غَوَىٰ٢﴾ [النجم: 1-2]. - المجلد 5