متى أبرأ شخص شخصًا من حقه، فإنه لا يقال إنه أهدى له ثواب عمله

الثالثة عشرة: قوله (يعني ابن تيمية): إن الإنسان تبرأ ذمته من ديون الخلق إذا قضاها قاض عنه. وهذه البراءة تقدم الكلام عليها، وكونه يبرأ منها بطريق الحكم في الدنيا لكنه متى ماطله بحقه ومنعه من استيفائه طيلة الزمن وهو قادر على الأداء، فإن هذا الـمطل ظلم منه ويقع الحساب عند الله بينه وبين خصمه الذي منعه من أداء حقه والانتفاع به في الدنيا، أشبه من تعمد قتل مسلم بغير حق فاصطلح مع أوليائه بدفع الدية إليهم، فإن حق القتيل باق يطالب به خصمه عند الله ولا يزيله مجرد الحكم به في الدنيا من دعوى براءة القاتل من دم القتيل وبه يجاب عن الرابعة عشرة (من المسائل التي استدل بها ابن تيمية على انتفاع الميت بعمل الغير) من قوله: إن من عليه تبعات ومظالـم إذا حلل منها أسقطت عنه وهذا انتفاع بعمل الغير. فإن البراءة الصادرة من صاحب الحق بطريق الرضى يبرأ بها الشخص، سواء كان حيًّا أو ميتًا، لكن متى أبرأ شخصًا من الأحياء من حقه، فإنه لا يقال إنه أهدى له ثواب عمله أو أجره، وكذلك الـميت.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة "مباحث التحقيق مع الصاحب الصَّدِيقِ " / فائدة منقولة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - شرح الكلمات - المجلد (5)