السياسة الشرعية توجب على العالم أن يذكر الأمة بما ينغعها
وقد ترجم له البخاري في صحيحه فقال: (باب من خص بالعلم قومًا دون قوم كراهية أن لا يفهموا) وساق عن علي: حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟ وقالوا: إنك لن تحدث الناس بحديث لم تبلغه عقولهم إلا كان عليهم فتنة.
فمتى كان الأمر بهذه الصفة، فإن السياسة الشرعية توجب على العالم بأن يذكّرهم بما ينفعهم، وما يزيد في إيمانهم وتقواهم، وأن يجتنب التذكير بما يفتنهم ويزعزع إيمانهم، ويوقع القلق والاضطراب في مجتمعهم، فإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وقد قيل: إياك وما يسبق إلى القلوب إنكاره وإن كان عندك اعتذاره.
من ذلك: تذكير الناس بأن المهدي حق، وأنه سيخرج على الناس لا محالة وأنه يملأ الأرض عدلاً، فإن هذا لا يزيد في الإيمان، ولا في صالح الأعمال ويوقع في الناس الافتتان بين مصدق ومكذب.
مع العلم أن أحاديث المهدي ليست بصحيحة، ولا صريحة، ولا متواترة بل هي كلها مجروحة وضعيفة، والجرح مقدم على التعديل، وقد رجح أكثر العلماء المتأخرين من خاصة أهل الأمصار بأنها كلها مكذوبة على رسول الله، فهي حديث خرافة سياسية إرهابية صيغت وصنعت على لسان رسول الله ﷺ، صنعها غلاة الزنادقة لما زال الملك عن أهل البيت، فأخذوا يرهبون بها بني أمية ويوعدونهم بأنه سيخرج المهدي، وقد حان خروجه فينزع الملك من بني أمية ثم يرده إلى أهل بيت رسول الله إذ إنهم أحق به وأهله.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - لا مهدي يُنتظر بعد الرسول محمد ﷺ خير البشر / دعوة العلماء والعقلاء إلى الاتحاد على حسن الاعتقاد - المجلد (1)