أئمة أهل الحديث يذكرون الراوي بصفته ويقولون: فلان كذاب، وفلان مدلس، ولا يعدون ذلك غيبة
واعلم أن أئمة أهل الحديث وجهابذة النقاد قد تصدوا لتمحيص الأحاديث وتصحيحها، وبيان حالة رواتها وما يتصفون به من الجرح والتعديل، نصيحة منهم للدين وحماية له عن تحريف الغالين وانتحال الـمبطلين وتأويل الجاهلين وتدليس الكذابين، فيذكرون الراوي بصفته ويقولون: فلان كذاب، وفلان مدلس، وفلان سيئ الحفظ، وفلان يكثر من ذكر الأحاديث الـموضوعة أو يتساهل في تصحيحها. إلى غير ذلك مما تقتضيه صفة الراوي للتنبيه على حالته وعدم الاغترار بروايته، ولا يعدونه من الطعن الـمذموم ولا الغيبة الـمحرّمة، بل هو النصيحة الواجبة، فإن الدين النصيحة لله ولكتابه ولدينه وعباده الـمؤمنين، ويستدلون على ذلك بقول النبي ﷺ: «ائْذَنُوا لَهُ بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ» ، وبقوله: «أَظُنّ فُلَانًا وَفُلَانًا لا يَعْرِفَانِ مِنْ دِيننَا شَيْئًا» ، وبقوله في صاحب الشجة: «قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ أَلاَّ سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِىِّ السُّؤَالُ» إلى غير ذلك.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة "مباحث التحقيق مع الصاحب الصَّدِيقِ " / إعادة الحديث في البحث الجاري مع الشيخ إسماعيل الأنصاري فيما يتعلق بالأضاحي عن الأموات - المجلد 5