أبو داود، وإن كان من أصحاب الإمام أحمد، فإنه معدود من الـمحدثين

وأما قوله (يعني الشيخ إسماعيل الأنصاري رحمه الله) : إن الإمام أبا داود يعتبر من كبار أصحاب الإمام أحمد، وإن مسائله التي رواهـا عن الإمام أحمد أشهر من نار على علم. فالجواب: إن أبا داود، وإن كان من أصحاب الإمام أحمد، فإنه معدود من الـمحدثين؛ لأنه أحد الستة الذين يكثر روايتهم للحديث وهم: البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه، ومسائله التي سأل عنها الإمام أحمد لا تخرجه عن عداد الـمحدثين، إذ كل محدث يكون معه من الفقه بحسبه، لكون الفقه مستنبطًا من الكتاب والسنة، كما في البخاري عن معاوية أن النبي ﷺ قال: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ»، يقال: فقه (بكسر القاف) إذا فهم، وفقه (بضم القاف) بوزن ظرف، إذا كان الفقه خلقًا وسجية له وانطبعت فيه أوصافه وهو الـمراد بقولي: أنها لم تكن معروفة عند فقهاء الحنابلة الـمتقدمين، ولم يأت هذا الناقد بما يناقض ما قلت، ولو وجد شيئًا لذكره، فنحن على ما قلنا حتى يقوم دليل. على أن أبا داود في مسائله التي رواها عن الإمام أحمد هو السائل لا الـمسؤول، ومثل السؤال عن هذه الـمسائل من كل ما يتعلق بالأحكام وأمور الحلال والحرام يجوز أن يقع من الـمحدث ومن الفقيه ومن العامي، يقول الله تعالى: ﴿...فَسۡ‍َٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ ٤٣ بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَٱلزُّبُرِ﴾ [النحل: 43-44].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة "مباحث التحقيق مع الصاحب الصَّدِيقِ " / إعادة الحديث في البحث الجاري مع الشيخ إسماعيل الأنصاري فيما يتعلق بالأضاحي عن الأموات - المجلد 5