قياس العبادات التي أمرها إلى الله على هبة الـمال الذي يملكه صاحبه قياس مع الفارق

ثم قال الشيخ عبد العزيز بن رشيد: إن النصوص تتظاهر على وصول ثواب الأعمال إلى الـميت، إذا فعلها الحي عنه وهذا محض القياس، فإن الثواب حق للعامل، فإذا وهبه لأخيه الـمسلم لم يمنع من ذلك، كما لم يمنع من هبته ماله في حياته، وقد نبّه الشارع بوصول ثواب الصدقة على وصول سائر العبادات الـمالية ونبّه بوصول ثواب الصوم على وصول سائر العبادات البدنية، وأخبر بوصول الحج الـمركب بين الـمالية والبدنية. فالجواب: أما قوله بقياس العبادات التي هي من عند الله وأمرها إلى الله، على هبة الـمال الذي يملكه صاحبه في الدنيا ويتصرّف فيه كيف يشاء، من بيع وعطاء، فإنه قياس مع الفارق حتى ولو قال به من قال؛ فإن الآيات الـمثبتة للجزاء على الحسنات والسيئات تبطل دعوى ملكية الإنسان لثواب عباداته؛ لأنه عبد لله وأعماله مملوكة لله، وليس من شأنه أن يتصرف في أعماله بهبتها لمن لا يعملها، لكون الجزاء على الأعمال ليس مملوكا للعامل، وإنما هو فضل من الله يتفضل به على من يشاء من عباده والناس منهم الـمقبول عمله ومنهم الـمردود، ومن نوقش الحساب يهلك؛ لأن الله سبحانه إذا بسط عدله على عبده وحاسبه على حسناته وسيئاته، لم يبق له حسنة، وإذا بسط فضله على عبده، لم يبق له سيئة، والنبي ﷺ قال: «ما منكم أحد يدخل الجنة بِعَمَلِهِ»، قَالُوا: وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِىَ اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَته».
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة "مباحث التحقيق مع الصاحب الصَّدِيقِ " / فصل في الرد على ادعاءات الشيخ عبد العزبز بن ناصر - المجلد (5)