لا سعي للكافر عند ربه
وأما قولهم: إن الـمراد بالإنسان هنا (في قوله تعالى:﴿وَأَن لَّيۡسَ لِلۡإِنسَٰنِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ٣٩﴾) الكافر، وأما الـمسلم فله ما سعى، وما سعى له غيره. فلا شك أن هذا التأويل أبعد عن معنى التنزيل من الذي قبله (وهو كونها منسوخة)، فإن الكافر عمله حابط من أصله فلا سعي له عند ربه، يقول الله: ﴿مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡۖ أَعۡمَٰلُهُمۡ كَرَمَادٍ ٱشۡتَدَّتۡ بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوۡمٍ عَاصِفٖۖ لَّا يَقۡدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَىٰ شَيۡءٖۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلَٰلُ ٱلۡبَعِيدُ ١٨﴾ [ابراهيم: 18]. فكيف يستجيزون القول بهذا مع بعده عن مراد الله به.
وكذلك قول من قال: إنها من شريعة إبراهيم وموسى وليست من شريعتنا، وهذا التأويل يقضي عزل هذه الآية عن الـمعنى الـمراد منها ليزول عن الناس التكليف بها والاحتجاج بموجبها، كأنها بزعمهم من حشو الكلام الذي لا يستفاد منه عظة ولا عبرة ولا حكم من الأحكام.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الدّلائلُ العَقليَّة وَالنقليَّة في تفضيل الصّدقة عَن الميِّت على الضحيَّة وَهَل الضحيّة عَن المَيت شَرعيَّة أو غَير شَرعيَّة " / أقوال العلماء في تفسير: ﴿وَأَن لَّيۡسَ لِلۡإِنسَٰنِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ٣٩﴾ - المجلد (5)