دور بني أمية في وضع الأحاديث المتعلقة بالمهدي

(إن) بني أمية لما سمعوا بهذه الأحاديث الموجهة لهم من العراق، والتي ترجف بهم تهددهم بالإيقاع بهم، تنبهوا لهذا، فأقاموا السفياني مقام المهدي، وعمل أنصارهم عملهم في وضع الحديث عن رسول الله في السفياني، من ذلك ما روى الحاكم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «يخرج رجل يقال له: السفياني من دمشق، وعامة من يتبعه من كلب، فيقتل حتى يبقر بطون النساء، ويقتل الصبيان»، وذكر بقية الحديث، ثم قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ثم ساق حديثًا ثانيًا في السفياني بلفظ الحديث الأول ومعناه. فتصحيح الحاكم لأحاديث السفياني، هي بمثابة تصحيحه وتصحيح الترمذي لأحاديث المهدي على حد سواء، وفي الحقيقة أنها كلها غير صحيحة، ولا متواترة، فإن قيل: كيف عرفتم أن هذه الأحاديث الكثيرة المسندة، والمسلسلة عن عدد من الصحابة، بأنها مختلقة وهي في سنن أبي داود، والترمذي، وابن ماجه، ومسند الإمام أحمد، والحاكم، وغيرها من الكتب؟ فالجواب: إن هذه الأحاديث الكثيرة التي تبلغ خمسين حديثًا في المهدي عند أهل السنة، بعضها يزعمونها صحاحًا، وبعضها من الحسان، وبعضها من الضعاف، وقد بلغت ألفًا ومائتي حديث عند الشيعة، والمهدي واحد وليس باثنين تنازعته أفكار الشيعة وأفكار أهل السنة. فهذه الأحاديث هي التي أخذت بمجامع قلوب الأكثرين من علماء أهل السنة على حد ما قيل، والقوة للكاثر، على أن الكمية لا تغني عن الكيفية شيئًا، وأكثر الناس مقلدة، يقلد بعضهم بعضًا، وقليل منهم المحققون.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - لا مهدي يُنتظر بعد الرسول محمد ﷺ خير البشر / خطبة الرسالة - المجلد 1