تفسير المنار لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَكۡسِبُ كُلُّ نَفۡسٍ إِلَّا عَلَيۡهَاۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰ﴾

قال في تفسير الـمنار على قوله: ﴿وَلَا تَكۡسِبُ كُلُّ نَفۡسٍ إِلَّا عَلَيۡهَاۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰ﴾ [الأنعام: 164]. قال: هذه قاعدة من أصول دين الله الذي بعث الله به جميع رسله، كما قال تعالى: ﴿أَمۡ لَمۡ يُنَبَّأۡ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ ٣٦ وَإِبۡرَٰهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰٓ ٣٧ أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰ ٣٨ وَأَن لَّيۡسَ لِلۡإِنسَٰنِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ٣٩ وَأَنَّ سَعۡيَهُۥ سَوۡفَ يُرَىٰ ٤٠ ثُمَّ يُجۡزَاهُ ٱلۡجَزَآءَ ٱلۡأَوۡفَىٰ ٤١﴾ [النجم: 36-41]. قال: وهي من أعظم أركان الإصلاح للبشر في أفرادهم وجماعاتهم لأنها هادمة لأساس الوثنية وهادية للبشر إلى ما تتوقف عليه سعادتهم الدنيوية والأخروية وهو عملهم دون عمل غيرهم، فمعنى الجملتين: فلا تكسب نفس إثمًا إلا كان عليها جزاؤه الأخروي دون غيرها ولا تحمل نفس وزر نفس أخرى، بل كل نفس لها ما كسبت، أي من الحسنات وعليها ما اكتسبت، أي من السيئات، فالدين قد علمنا أن سعادة الناس وشقاءهم بأعمالهم، وأن الجزاء في الآخرة مبني على هذا التأثير، وأما من كان قدوة صالحة في عمله أو معلمًا، فإنه ينتفع بعمل من أرشدهم زيادة على انتفاعه بأصل عمله، ومن كان قدوة سيئة في عمل أو دالًّا عليه، فإن عليه إثم من أفسدهم، وكل هذا وذاك يعد من قبيل عمله، وقد بين النبي ﷺ هذا وذاك بقوله: «منْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إلى يوم القيامة، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إلى يوم القيامة».
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الدّلائلُ العَقليَّة وَالنقليَّة في تفضيل الصّدقة عَن الميِّت على الضحيَّة وَهَل الضحيّة عَن المَيت شَرعيَّة أو غَير شَرعيَّة " / إهداء ثواب الأعمال إلى الموتى - المجلد (5)