قد ثبت أن ولد الإنسان من سعيه

للأولاد مع الآباء حالة لا تشبه حالة غيرهم، لأن الكتاب والسنة قد ألحقا ذرية الـمؤمن به، لقوله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱتَّبَعَتۡهُمۡ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَٰنٍ أَلۡحَقۡنَا بِهِمۡ ذُرِّيَّتَهُمۡ﴾ [الطور: 21]. ولهذا تجعل أفراط الـمؤمن في كفة ميزانه بمثابة حسناته، وفي الحديث: «إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ وَإِنَّ أَوْلاَدَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ» لكونه هو السبب في إيجاده، كما أنه لا يقاس قضاء الواجبات على فعل التطوّعات. ولهذا قلنا: إنه يجوز للأبناء والبنات قضاء واجبات آبائهم من صلاة وصيام وحج، سواء كانت واجبة بطريق الشرع أو بالنذر للنصوص الواردة في هذا الخصوص، ومنها حديث عمرو بن العاص أن النبي ﷺ قال: «إن أباك لو كان موحدًا فَصُمْتَ وَتَصَدَّقْتَ عَنْهُ نَفَعَهُ ذَلِكَ»، قال في نيل الأوطار: فيه دليل على أن ما فعله الولد لأبيه من الصوم والصدقة فإنه يلحقه ثوابه بدون وصية منهما له ويخصص بهذا قوله: ﴿وَأَن لَّيۡسَ لِلۡإِنسَٰنِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ٣٩﴾ [النجم: 39]. قال: وقد ثبت أن ولد الإنسان من سعيه فلا حاجة إلى دعوى التخصيص، وأما من غير الولد فالظاهر من العمومات القرآنية أنه لا يصل ثوابه إلى الـميت فيتوقف عليها حتى يأتي دليل يقتضي تخصيصها.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الدّلائلُ العَقليَّة وَالنقليَّة في تفضيل الصّدقة عَن الميِّت على الضحيَّة وَهَل الضحيّة عَن المَيت شَرعيَّة أو غَير شَرعيَّة " / إهداء ثواب الأعمال إلى الموتى - المجلد (5)