رأي ابن تيمية في إهداء الثواب إلى الأموات وانتفاعهم بذلك

فقد عرفت كيف زاد (يعني صاحب الإقناع) على الـموفق بالقول بجواز إهداء ثواب الأعمال التي لا تدخلها النيابة كصلاة فرض وصيام فرض حتى لرسول الله، وقد أجمع الأئمة الأربعة على أنه لا يصلي أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد، كما أن إهداء القرب الدينية إلى النبي بدعة كما حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية، ولشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- قولان في الـمسألة، أحدهما: إن الـميت ينتفع بإهداء جميع العبادات البدنية من الصلاة والصوم والقراءة، كما ينتفع بالعبادات الـمالية من الصدقة والعتق ونحوها، وكما لو دُعي له واستغفر له. والقول الثاني قال: إنه لم يكن من عادة السلف إذا صاموا تطوّعًا أو حجوا تطوّعًا أو قرؤوا القرآن أنهم يهدون ثواب ذلك إلى أموات الـمسلمين، فلا ينبغي العدول عن طريق السلف فإنه أفضل وأكمل. وهذا القول الأخير هو الجدير بسعة علم شيخ الإسلام وورعه وحرصه على التمسك بالشرع وسنته ومحاربته للبدع الـمخالفة لسنة رسول الله وسيرة خلفائه وأصحابه، ولعل هذا هو الأخير من أمره والـمحقق من رأيه، وحسبك شهادته بأن إهداء التطوّعات من القراءة والصيام والصلاة ليس من عمل السلف الصالح الذين هم الرسول وأصحابه، وكل ما ليس من عمل السلف الصالح فإنه من محدثات الأمور، وشر الأمور محدثاتها.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الدّلائلُ العَقليَّة وَالنقليَّة في تفضيل الصّدقة عَن الميِّت على الضحيَّة وَهَل الضحيّة عَن المَيت شَرعيَّة أو غَير شَرعيَّة " / إهداء ثواب الأعمال إلى الموتى - المجلد (5)