فصل الخطاب في أفضل ما يفعله الحي للميت، وخاصة الولد لوالديه

عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي، قال: «بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِذَا جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِى سَلِمَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إن أبوي قد ماتا فهَلْ بَقِىَ مِنْ بِرِّ أَبَوَىَّ شَىْءٌ أَبَرُّهُمَا بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا قَالَ «نَعَمِ الصَّلاَةُ عَلَيْهِمَا وَالاِسْتِغْفَارُ لَهُمَا وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا مِنْ بَعْدِهِمَا وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِى لاَ تُوصَلُ إِلاَّ بِهِمَا وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا من بعدهما» رواه أبو داود وابن ماجه وابن حبان في صحيحه وزاد في آخره قال: ما أكثر هذا يا رسول الله وأطيبه؟! قال: «نعم فاعمل به»». فهذا الحديث جاء بمثابة نهاية الحكم وفصل الخطاب في أفضل ما يفعله الحي للميت، وخاصة الولد لوالديه، فأرشده إلى الدعاء والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما، أي الوصية العادلة الصادرة منهما أو من أحدهما، لأن النبي قضى بالدين قبل الوصية، ثم بالوصية قبل الإرث، ثم أوصاه بصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، كإخوانهما وأخواتهما وأعمامهما وعماتهما وأخوالهما وخالاتهما وسائر من يمت لهما بقرابة وصلة، ثم قال: وإكرام صديقهما من بعدهما وهذا الإكرام يشمل الصدقة والإحسان وسائر وسائل الإكرام والاحترام، لأن من البر صلة الرجل أهل ود أبيه ولم يذكر في هذا الحديث على شموله الأضحية ولو كان فعلها من البر أو أن فيها نفعًا للميت لذكرها له رسول الله، لكون السائل الـمستفيد جاء كالـمستزيد من الإرشاد إلى فعل البر بوالديه بعد موتهما، فأرشده إلى ما ذكر وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الدّلائلُ العَقليَّة وَالنقليَّة في تفضيل الصّدقة عَن الميِّت على الضحيَّة وَهَل الضحيّة عَن المَيت شَرعيَّة أو غَير شَرعيَّة " / فصل [في أقضية رسول الله ﷺ في أفضل ما يفعله الحي لميته] - الحكم الخامس - المجلد 5