لكل أمة جعلنا منسكًا
إن كل من تأمل التواريخ الإسلامية وغير الإسلامية، يتبين له بطريق الوضوح والجلية أن سائر الأمم على اختلاف أطوارهم وأوطانهم وتباين مذاهبهم وأديانهم، كل أمة لها أعياد زمانية ومكانية يقدسونها ويقرّبون القرابين لمعبوداتهم فيها.
والأعياد على الإطلاق، إما أن تكون شرعية، وإما أن تكون بدعية، كما أن القرابين، إما أن تكون دينية، وإما أن تكون شركية، يقول الله تعالى: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٖ جَعَلۡنَا مَنسَكٗا لِّيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِ﴾ [الحج: 34]. قال ابن عباس: لكل أمة جعلنا منسكًا، أي عيدًا. وقال عكرمة: أي ذبحًا. والـمعنى متقارب، يخبر سبحانه بأن الأعياد وذبح القرابين فيها لا يزال مشروعًا في سائر الأمم والـملل، كما في الحديث، أن النبي ﷺ قال: «إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا». وقوله: ﴿لِّيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ﴾ أي عند ذبح ما رزقهم من بهيمة الأنعام، فمنهم من يذكر اسم الله عند الذبح، ومنهم من يذكر اسم الطواغيت والأصنام.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الدّلائلُ العَقليَّة وَالنقليَّة في تفضيل الصّدقة عَن الميِّت على الضحيَّة وَهَل الضحيّة عَن المَيت شَرعيَّة أو غَير شَرعيَّة " / الأعياد عند الأمم - المجلد (5)