أقوال المفسرين في قوله تعالى: "﴿وَقَدۡ مَكَرُواْ مَكۡرَهُمۡ وَعِندَ ٱللَّهِ مَكۡرُهُمۡ وَإِن كَانَ مَكۡرُهُمۡ لِتَزُولَ مِنۡهُ ٱلۡجِبَالُ ﴾
﴿وَقَدۡ مَكَرُواْ مَكۡرَهُمۡ وَعِندَ ٱللَّهِ مَكۡرُهُمۡ وَإِن كَانَ مَكۡرُهُمۡ لِتَزُولَ مِنۡهُ ٱلۡجِبَالُ ٤٦﴾ [إبراهيم: 46]. وللمفسرين في الآية معنيان: أحدهما أن هذا الخطاب واقع على الجن والإنس في حالة الدنيا، وذلك حينما يكور بالشمس، ويخسف بالقمر، وتنزل الملائكة من السماء، فيفزع الجن إلى الإنس ويحاولون الفرار والهرب من هذا الفزع، ولات حين مفر. والقول الثاني أنه خطاب لهم في الآخرة وذلك حين يأمر الله بحشر عصاة الجن والإنس ويقال لهم: ﴿يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ إِنِ ٱسۡتَطَعۡتُمۡ أَن تَنفُذُواْ مِنۡ أَقۡطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ فَٱنفُذُواْۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلۡطَٰنٖ ٣٣﴾ [الرحمن: 33]. وهذا القول هو أقرب للصواب، يدل له الآية التي بعده وهي قوله: ﴿يُرۡسَلُ عَلَيۡكُمَا شُوَاظٞ مِّن نَّارٖ وَنُحَاسٞ فَلَا تَنتَصِرَانِ ٣٥﴾ [الرحمن: 35]. فإن إرسال النار إنما يقع في الآخرة، والسلطان قيل: العذر، وقيل: البينة، وقيل: الحجة، وقد أخبر الله عن الجن أنهم قالوا: ﴿وَأَنَّا لَمَسۡنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدۡنَٰهَا مُلِئَتۡ حَرَسٗا شَدِيدٗا وَشُهُبٗا ٨﴾ [الجن: 8]. فهؤلاء الجن صعدوا إلى السماء فلمسوها لكنهم لم ينفذوا من أقطارها لأنهم وجدوها ملئت حرسًا شديدًا وشهبًا.