سائر الأئمة ليسوا بأرباب ولا أنبياء، ولكنهم مجتهدون، يؤخذ من قولهم ويترك
ثم قلت: وهل القاضي ابن العربي رسول الله حتى يقبل كل ما أدى إليه اجتهاده، إذ المجتهد يخطئ ويصيب.
وأقول: إن شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن العربي وغيرهما من سائر الأئمة ليسوا بأرباب ولا أنبياء، ولكنهم مجتهدون، يؤخذ من قولهم ويترك، ومع هذا فإنهم أعرف مني ومنك بالمعقول والمنقول، وأقرب إلى فهم النصوص والأصول، لكن العلماء المؤلفين عندما يخوضون في بحور العلوم الواسعة، ويتعرضون فيها للمشاكل الغامضة التي من شأنها أن يخفى التحقيق فيها على بعض العلماء المشاهير فضلا عن العامة، فهم يسوقون أقوالهم مساق الاستئناس والتقوية حذرًا من دعوى الشذوذ بها، فهم يحتجون بها على سبيل الاعتضاد لا الاعتماد، عملا بقوله سبحانه: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ إِلَّا رِجَالٗا نُّوحِيٓ إِلَيۡهِمۡۖ فَسَۡٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ ٤٣ بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَٱلزُّبُرِۗ وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلذِّكۡرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيۡهِمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ ٤٤﴾ [النحل: 43-44]. ولقول النبي ﷺ في صاحب الشجة: «هلا سألوا إذا لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال» وكان بعض الصحابة قد تصدوا للإفتاء والنبي ﷺ حي.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " فصل الخطاب في ذبائح أهل الكتاب " / الرَّد على المعترضين - المجلد (4)