تحريم ذبائح المشركين اشتهر بين الصحابة؛ لمبالغتهم في تحريم الشرك، والتنفير عن الذبح لغير الله

يظهر أن القول بتحريم ذبائح المشركين اشتهر بين الصحابة؛ لمبالغتهم في تحريم الشرك، والتنفير عن الذبح لغير الله، فكانوا لا يقربون الأكل من ذبائح المشركين؛ لكونها مظنة لذلك. ويحتمل أنهم قالوا ذلك في سبيل دعوتهم إلى دين الإسلام، حيث إنهم اشتد بغضهم للشرك والمشركين، وهم بنو العم والعشيرة، فأرادوا هجرهم بعدم إجابة دعوتهم، وتحريم ذبائحهم، فيحدث لهم بذلك شيء من الانكسار والذل، مما يرجى أن يحدو بهم إلى الالتجاء باعتناق الإسلام واعتقاده، ولأن من سياسة دين الإسلام التشديد في معاملة مشركي العرب، حتى لا يبقى في الجزيرة منهم أحد إلا ويدخل في الإسلام. وخفف في معاملة أهل الكتاب استمالة لهم إلى دين الإسلام، وبيان سماحته معهم. وإلا فإن الله سبحانه قال: ﴿وَلَا تَأۡكُلُواْ مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ وَإِنَّهُۥ لَفِسۡقٞ﴾ [الأنعام: 121]. سواء فسرناه بمتروك التسمية، أو الميتة، أو بما ذبح لغير الله من الأصنام والقبور، ثم قال: ﴿وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تَأۡكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ وَقَدۡ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيۡكُمۡ﴾ [الأنعام: 119].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " فصل الخطاب في ذبائح أهل الكتاب " / فصل - المجلد 4