خوض العوام في أمور الفقه من المضار والمفاسد الكبار

وقد دل الحديث (الحلال بيِّن والحرام بيّن...إلخ) على أن أكثر الناس لا يعرفون حقيقة الحكم الشرعي في كثير من المتشابهات، ولم يقل كل الناس، بل يوجد أناس وهم قلّة وهم الراسخون في العلم والمعرفة، فيعرفون حكم الشرع في هذه المتشابهات بحيث يوجهون إليها أنظارهم وأفكارهم، ويستنبطون الحكم فيها من كتاب ربهم وسنة نبيهم، فيلحقون النظير بنظيره، فيزيلون عنها ما غشيها من الشك والإشكال ويجعلونها جلية للعيان. لكنه متى تصدى للخوض في هذه المشكلة أحد العوام، بدون معرفة ولا حكمة، وبدون بصيرة من كتاب ربه وسنة نبيّه، فإنما يفسد أكثر مما يصلح، ويكون خوضه في موضوعها من المضار والمفاسد الكبار، بحيث يحرّم على الناس ما أحل الله لهم، فيلحق الحلال بالحرام، ويجعل الناس يشكون في مأكلهم؛ يقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلۡسِنَتُكُمُ ٱلۡكَذِبَ هَٰذَا حَلَٰلٞ وَهَٰذَا حَرَامٞ لِّتَفۡتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ لَا يُفۡلِحُونَ ١١٦﴾ [النحل: 116].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " فصل الخطاب في ذبائح أهل الكتاب " / مقدمة الرسالة - المجلد (4)