الرد على أدلة الشيخ عبد العزيز في التفريق بين الإسلام والإيمان
استدل الشيخ عبد العزيز بقوله سبحانه: ﴿إِنَّ ٱلۡمُسۡلِمِينَ وَٱلۡمُسۡلِمَٰتِ وَٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ﴾ [الأحزاب: 35]. وبحديث جبريل عليه السلام حين سأل عن الإسلام ثم عن الإيمان، وبحديث سعد بن أبي وقاص، قال: أعطى النبي ﷺ رجالاً ولم يعطِ رجلاً.. فقلت: يا رسول الله، ما لك عن فلان وهو مؤمن؟ فقال: «أو مسلم».. قال: «فيه دليل على مغايرة الإسلام للإيمان وأنهما اسمان لمعنيين مختلفين.. » انتهى.
فالجواب: أن الإسلام والإيمان متى تفرّقا اجتمعا، فيدخل الإسلام في الإيمان بعمل الجوارح، ويفسر الإيمان بالتصديق بالقلب، ولا يكفي التصديق بالقلب بدون عمل الجوارح ولا عمل الجوارح بدون التصديق بالقلب.
وكأن فضيلة الشيخ عبد العزيز يرى أن الإسلام بدون إيمان يوجد في شخص، بحيث يشار إليه بالبنان ويقال: هذا مسلم وليس بمؤمن، وأنه لا تلازم بينهما، وهذا خطأ مبين وعدم فقه في الدين، وفي نصوص القرآن الحكيم. فليس في الشرع مسلم ليس بمؤمن، ولكن الشيخ يريد أن لا يعتق نفسه من رق الاعتقاد الخاطئ الذي نشأ عليه في حالة الصغر.. وما أسرع ما نسي عقيدة أهل السنة من أن الإيمان قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالجوارح والأركان، وأنه متى فُقد أحدهما فقد الآخر.. أشبه الرأس والقلب.. فإنه لا حياة للشخص بدون اجتماعهما، فلو رأينا شخصًا يعتقد الإيمان بالله واليوم الآخر ويصدق بوجود الملائكة والجنة والنار، ولكنه يقول: لا أصلي ولا أصوم ولا أؤدي الزكاة ولا أصدق بوجوب ذلك عليَّ.. فإن هذا كافر قطعًا وليس بمسلم ولا بمؤمن لمناقضته للإيمان.
كما أننا لو رأينا رجلاً يحافظ على أحكام الإسلام الظاهرة، ولكنه لا يصدق بوجود الرب ولا الملائكة ولا البعث بعد الموت ولا بالجنة والنار، فإن هذا ليس بمسلم ولا مؤمن. وكيف نسي فضيلة الشيخ قول العلماء في حكم المرتد، وأن من جحد وجود الرب، أو جحد صفة من صفاته، أو جحد وجوب العبادات الخمس أو شيئًا منها، فإنه يكفر إلا أن يكون حديث عهد بجاهلية فيعرف وجوب ذلك، فإن أصرّ حُكم بكفره.
ومتى صح الإيمان صلحت أعمال الإسلام، ومتى فسد الإيمان فسدت الأعمال، كما في الحديث أن النبي ﷺ قال: «إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب».
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - القول السديد في تحقيق الأمر المفيد / [ المدرك السابع: الاعتماد على حديث جبريل عليه السلام في التفريق بين الإسلام والإيمان اعتماد غير صحيح ] - المجلد (1)