جمع القرآن ليس من البدعة الحسنة في شيء، بل هو من الأمر المحتم
أما الاستدلال بجمع الصحابة للقرآن على البدعة الحسنة. فجوابه: أن جمع القرآن ليس من البدعة الحسنة في شيء، بل هو من الأمر المحتم المفروض على خاصة الصحابة وعلى كافة الأمة لو تركوه أثموا.
لأن حفظ القرآن عن ضياعه ونسيانه واجب، وكان القرآن ينزل على النبي تدريجيًّا حسب الوقائع، وقالوا: ﴿... لَوۡلَا نُزِّلَ عَلَيۡهِ ٱلۡقُرۡءَانُ جُمۡلَةٗ وَٰحِدَةٗۚ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِۦ فُؤَادَكَۖ وَرَتَّلۡنَٰهُ تَرۡتِيلٗا ٣٢﴾ [الفرقان: 32]. فبقي مفرقًا في صدور الرجال وفي الصحف والرقاع واللخاف، فلما كانت وقعة اليمامة في قتال مسيلمة وأصحابه واستحر القتل في القراء من الصحابة ففزع عمر من الخوف على ضياع القرآن أو ضياع شيء منه بموت حملته، وأخذ يراجع أبا بكر ويطالبه بجمعه، وكأن أبا بكر استثقل ذلك لعدم سبق جمعه من النبي ﷺ ولم يزل يراجعه حتى شرح الله صدر أبي بكر كما شرح له صدر عمر وكذلك سائر الصحابة رأوه أمرًا واجبًا تقتضيه المصلحة.
فوكلوا أمر تتبعه وجمعه إلى ثلاثة من قراء الصحابة يرأسهم زيد بن ثابت فجمعوا القرآن وبقي آية منه، يقول زيد بن ثابت: كنت أسمع رسول الله ﷺ يقرؤها وهي قوله: ﴿لَقَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِيصٌ عَلَيۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ ١٢٨﴾ [التوبة: 128]. فوجدتها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري فوضعتها في محلها.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " كلمة الحق في الاحتفال بمولد سيد الخلق " / [رد سماحة الشيخ على رسالة: الاحتفال بذكر النعم واجب] - المجلد (4)