في المحاكم الوضعية صار صاحب الحق يتخلى عن حقه استبقاء لراحته وتوفير ماليته

من عادة القاضي الشرعي أنه لا يأخذ على قضائه أجرًا إلا ما جُعِل له من بيت المال، ولا ينبغي أن يمنعه قضاؤه وحكمه بالأمس متى تبين له خطؤه، وأن الحق في خلافه أن يرجع عنه، ويستأنف الحكم من جديد فيعطي صاحب الحق حقه حتى ولو بعد حلف المحكوم له، فإن اليمين لا تزيل الحق عن مستحقه، وإنما تقطع النزاع في وقته، بخلاف نظم محاكم القوانين الوضعية، فإنها مؤسسة على تطويل الدعوى وتمديدها بين نقض وإبرام وحكم واستئناف، وقد دخل فيها المحامون الذين يصنعون الدعاوى ويحبون أن تتصل الخصومة ولا تنفصم. وعلى إثر هذا التعليل والتمليل وصرف المال في سبيل اتصال الدعوى سئم الناس منها واشتد بغضهم لها وصار صاحب الحق يتخلى عن حقه الواضح استبقاء لراحته وتوفير ماليته.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الأحكام الشرعية ومنافاتها للقوانين الوضعية " - المجلد (4)