الرد على قول الشيخ عبد العزيز إن الإسلام والإيمان متباينان
قال الشيخ عبد العزيز بن رشيد رحمه الله: «أما ما ذكره الشيخ في رسالته من أن الإسلام والإيمان شيء واحد وأنهما اسم لمسمى واحد.. فهذا خلاف ما عليه أهل السنة والجماعة.. فإن الإسلام والإيمان شيئان متباينان كما دل على ذلك الكتاب والسنة.
قال الله سبحانه: ﴿۞قَالَتِ ٱلۡأَعۡرَابُ ءَامَنَّاۖ قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا وَلَمَّا يَدۡخُلِ ٱلۡإِيمَٰنُ فِي قُلُوبِكُمۡۖ﴾ [الحجرات: 14].. فمعنى هذه الآية دليل على أن الإيمان غير الإسلام وأنه ليس كل مؤمن مسلمًا..» انتهى.
فجوابه: أن الشيخ عبد العزيز يستبيح الكذب على صاحب الرسالة؛ لأنني لم أقل: إن الإسلام والإيمان شيء واحد وأنهما اسم لمسمى واحد. بل قلت: إن الإيمان تصديق القلب ولوازمه العمل وإلا اعتبر كاذبًا. وقلت: إن المسلمين هم المؤمنون، والمؤمنون هم المسلمون، فمخرجهما في كتاب الله واحد. وإن هذه الآية التي استدل بها نزلت في أعراب الجزيرة، لما غشيهم جنود الصحابة وخافوا من القتل أقبلوا وهم يقولون: آمنا. قبل أن يدخل الإيمان في قلوبهم، وقبل أن يعرفوا أحكام الإسلام، فأنزل الله سبحانه: ﴿۞قَالَتِ ٱلۡأَعۡرَابُ ءَامَنَّاۖ قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا وَلَمَّا يَدۡخُلِ ٱلۡإِيمَٰنُ فِي قُلُوبِكُمۡ﴾ وقد ترجم عليه البخاري في صحيحه في كتاب الإيمان، فقال:
(باب)
إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة وكان على الاستسلام أو الخوف من القتل، لقول الله تعالى: ﴿۞قَالَتِ ٱلۡأَعۡرَابُ ءَامَنَّاۖ قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا﴾ وإذا كان على الحقيقة فهو على حد قوله جل ذكره: ﴿إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُۗ﴾ [آل عمران: 19]. فهم في تلك الحالة مستسلمون لحكم الإسلام وحكومته خوفًا من القتل قبل أن يعرفوا الإسلام ولا الإيمان.. لكن هؤلاء الأعراب بعد ما دخلوا في الإسلام وعرفوا الإيمان زال عنهم هذا الوصف وصاروا مسلمين مؤمنين بناء على الظاهر من أعمالهم، ودخلوا في عموم قوله: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ﴾ [الحجرات: 10]. وفي قوله ﷺ: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره».. فلا يجوز أن يقال: فلان الأعرابي مسلم وليس بمؤمن، لكون الإيمان مجرد التصديق ومن لوازمه العمل وإلا صار كذبًا.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - القول السديد في تحقيق الأمر المفيد / [ المدرك السادس: الإسلام و الإيمان شيئان متباينان. وضعف هذا الرأي ] - المجلد (1)