لم ينه الشارع عن شيء إلا ومضرته واضحة ومفسدته راجحة
النهي (عن بيع الدراهم بالدنانير نسيئة) إنما صدر من الشارع الحكيم الذي هو ﴿عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِيصٌ عَلَيۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ ١٢٨﴾ [التوبة: 128]. ولم ينه عن شيء إلا ومضرته واضحة ومفسدته راجحة، وقد ظهر من ضرر هذا أنه يقود فاعله إلى ربا الفضل ثم إلى ربا النسيئة، ثم يترتب عليه المضرة الكبيرة من تراكم الديون على المعسر لسهولة الاستدانة بهذه الصفة.
ولأن صاحب الدراهم متى انفتح له باب الطمع في بيعها بدراهم مؤجلة خف عليه تحصيل الزيادة عن طريق الربا بدون تعب ولا مشقة، فيعامل بذلك المعسر وغير المعسر، فيفضي إلى انقطاع منافع الناس بالتجارات والأرباح المباحة، وينقطع المعروف بين الناس من القرض الذي يراد به الإرفاق والإحسان للمحتاج وقد قيل: إنه أفضل من الصدقة لكونه يقع عن حاجة. وقد أوجب الله إنظار المعسر بقوله: ﴿وَإِن كَانَ ذُو عُسۡرَةٖ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيۡسَرَةٖ﴾ [البقرة: 280]. فقلب الدَّيْن عليه ربًا.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " أحكام عقود التأمين ومكانها من شريعة الدين " / الأوراق المالية الجاري بها التعامل في هذه الأزمنة - البيان في حكم التبايع نسيئة بالأوراق الجاري بها التعامل في هذا الزمان || المجلد (4)