جواز بيع الأسهم ودليله

(إن) بعض أهل العلم يشك في صحة هذا البيع (أي بيع الأسهم) بهذه الصفة (أي تنزيل المشتري منزلة البائع فيما له وما عليه) بحجة أن المشتري لا يعلم كمية السهم المشترى ناضًّا، وهل فيه ربح أو خسران، وهذا مما يؤكد دخوله في الجهالة أو الغرر أو شراء الدراهم بالدراهم، هذا بعض تعليل من يقول بمنعه. والصحيح أن بيع الأسهم بهذه الصفة يعتبر جائزًا مباحًا، لكونه من باب المخارجة، وقد أجمع الصحابة على صحتها والعمل بها في قضية مشهورة، حاصلها هو أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه توفي عن أربع زوجات إحداهن تماضر الأشجعية وكان قد طلقها في مرض موته، فاستشار عثمان الصحابة فيها فأجمعوا على أنها تستحق الإرث كإحدى الزوجات، فبعد العلم منها بذلك طلبت الخروج من التركة بسهمها، وكان قد خلف أموالاً كثيرة من عقار ونقود وحيوان، ومن ذلك ذهب قطع بالفؤوس حتى مجلت أيدي الرجال من تقطيعه، وخلف ألف بعير ومائة فرس وثلاثة آلاف شاة. ذكره ابن كثير في التاريخ. فاتفق ورثته معها على أن يدفعوا لها ثمانين ألف دينار، فقبلت ذلك وجرى الدفع منهم فيه، ولم ينكره أحد من الصحابة، فكان بمثابة الإجماع منهم على جوازه في زمنهم. وهذه هي نفس قضية بيع الأسهم من الشركات، سواء سميناه بيعًا أو صلحًا أو معاوضة أو مخارجة، إذ لا مشاحة في الأسماء، مع العلم بالحقيقة.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " أحكام عقود التأمين ومكانها من شريعة الدين " / بيع أسهم الشركات || المجلد (4)