وجوب صلاة الجماعة
فعن ابن عباس أن النبي ﷺ قال: «من سمع النداء ثم لم يأت فلا صلاة له إلا من عذر». رواه ابن حبان والحاكم وإسناده على شرط مسلم لكن رجح بعضهم وقفه، وروى الإمام أحمد عن معاذ عن النبي ﷺ أنه قال: «إن الجفاء والكفر والنفاق فيمن سمع منادي الله ينادي بالصلاة فلا يجيبه»، وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود أنه قال: رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة في الجماعة إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يُؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف. وقد همَّ رسول الله ﷺ بإحراق بيوت المتخلفين عن الصلاة في الجماعة لولا ما اشتملت عليه البيوت من الذرية والنساء الذين لا تجب عليهم الجماعة؛ واستأذنه ابن أم مكتوم وهو أعمى وبينه وبين المسجد نخل وواد على أن يصلي في بيته، فقال له: «هل تسمع النداء بالصلاة؟». قال: نعم. قال: «فأجب»، كما ثبت في الصحيحين، فلم يسمح له بالتخلف عن الجماعة.
وحسبك أن الله أمر بالصلاة جماعة في حالة القتال وحمل السلاح وتقابل الصفوف، فقال تعالى: ﴿وَإِذَا كُنتَ فِيهِمۡ فَأَقَمۡتَ لَهُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَلۡتَقُمۡ طَآئِفَةٞ مِّنۡهُم مَّعَكَ وَلۡيَأۡخُذُوٓاْ أَسۡلِحَتَهُمۡ﴾ [النساء: 102]. وقد ترجم العلماء لهذا في كتب الحديث والفقه بـ «باب صلاة الخوف».
ولم يُحفظ عن رسول الله ﷺ أنه تخلف عن الجماعة مرة واحدة إلا في حالة مرضه الذي تُوفي فيه.
وهذه الأدلة تتعاضد على وجوب صلاة الجماعة إذا لم يكن ثمة عذر يبيح التخلف، وهذا الوجوب يثاب فاعله ويعاقب تاركه، كما أنه الظاهر من مذهب الإمام أحمد وكثير من المحدثين، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله. قال ناظم المفردات:
في كل فرض تجب الجماعهْ
وقال باشتراطها جماعهْ
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - رسالة إلى المسؤولين عن التعليم بشأن الإخلاص في العمل / " الصـلاة جماعـة " - المجلد (3)