مقارنة بين المتخرجين في بلدان أوروبا والمتخرجين في البلدان الإسلامية

وإننا متى قابلنا بين المتخرجين في بلدان أوربا وبين المتخرجين في الجامعات والكليات والمعاهد الشرعية بالبلدان الإسلامية، فإننا نجد بينهما فرقًا واسعًا وبونًا شاسعًا في التفاوت في العلوم والفنون وفي العقائد والأخلاق؛ إذ المتخرج في بلدان أوربا ليس معه سوى اللغة الإنجليزية، وما خسره من نسيان العلوم الشرعية أكثر مما استفاده، ولن تسمع عن أحد من المتخرجين بها شيئًا من النبوغ في شيء من العلوم التي تنفع الناس أبدًا؛ لكون عادم العلم لا يعطيه، ولأن علماء أوربا الذين تخرج الطلاب من أبناء المسلمين عندهم جهلاء بكل العلوم النافعة، مما يتعلق بالشرائع والأحكام وأمور الحلال والحرام، وحتى علم البلاغة والبيان، فهم يزيدون الطالب جهلاً على جهله. أما المتخرج من الجامعات والمعاهد الإسلامية وكليات الشريعة، فإننا نجد عند أحدهم ما يشفي ويكفي من العلوم والفنون، سواء في التفسير أو الحديث أو السيرة أو التاريخ أو اللغة فتجد عنده ثمرة من العلوم النافعة كل على حسبه وعلى قدر موهبته من ربه وخاصة القدامى الذين تخرجوا منذ حوالي ثلاثين أو عشرين سنة فإنهم أرقى في العلوم والمعرفة من المتخرجين في هذه السنين؛ لكونه قد تغير أسلوب التعلم والتعليم في البلدان العربية كغيرها، وصاروا يسلخون ويمسخون الكتب والفنون؛ حتى أبقوا المنهج شبه الرمز والصورة للعلوم والفنون، ومع هذا كله فإن أقل المتخرجين معرفة في البلدان العربية هم أرقى من المتخرجين في بلدان أوربا. والحاصل أن الحكام متى أهملوا تربية الشباب فلم يهذبوهم على فعل الصلاح والتقى ولم يردعوهم عن مراتع الغي والردى، فإنهم سيعودون إلى أهلهم وهم نكبة ونقمة على العباد والبلاد، والدفع أيسر من الرفع.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - رسالة إلى الحكام بشأن الطلاب المبتعثين للخارج / " الحاكم بمثابة العقل المفكر والرأي المدبر لشؤون رعيته " - المجلد (3)