تعليق على قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُوقِعَ بَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةَ وَٱلۡبَغۡضَآءَ فِي ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَيۡسِرِ...﴾
أما العداوة في الميسر: فإن الميسر هو القمار، ومتى غلب أحدهما صاحبه في القمار وغبنه ماله، فإنه يحتقب له العداوة والبغضاء من أجل سلبه ماله الذي هو عديل روحه وقوام بنيته وبيته، ولأنه أكل للمال بالباطل، وقد نهى الله في كتابه وعلى لسان نبيهﷺ عن كل عمل وكل كسب يؤول إلى العداوة والبغضاء بين المسلمين.
وأما قوله: ﴿وَيَصُدَّكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلَوٰةِ﴾ [المائدة: 91]. فإن هذا أمر واقع ومحسوس ملموس، فإنك قلَّ أن تجد السكير أو اللاعب بالقمار في المسجد؛ لكونهما في غفلة ساهين، استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله، ومن المعلوم أنهما لو داوما على الصلاة لنهتهما عن ارتكاب مثل هذه المنكرات، فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر.
ثم قال: ﴿وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَٱحۡذَرُواْۚ فَإِن تَوَلَّيۡتُمۡ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ ٩٢﴾ [المائدة: 92]. فلا أبلغ في الزجر والتحذير من هذه الآيات التي يأمر الله فيها عباده بطاعته وطاعة رسوله، ثم حذرهم أشد التحذير من مخالفة أمره بارتكاب محرماته وترك طاعاته، والآية سيقت لتأكيد تحريم شرب الخمر الذي هو مفتاح كل شر.
إن الله سبحانه لمّا ذكر هذه الزواجر عن هذه الجريمة الأثيمة، قال بعد هذا كله: ﴿فَهَلۡ أَنتُم مُّنتَهُونَ ٩١﴾، فقد أحسن من انتهى إلى ما سمع، ولذا قال عمر بن الخطاب: سمعًا وطاعة لله ورسوله، قد انتهينا، قد انتهينا، قبحًا لها وسحقًا، قرنت بالأنصاب والأزلام.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - المسكرات والخمور وما يترتب عليها من الأضرار والشرور / " الصفات العشر التي وصفت بها الخمر " - المجلد 3