نهى الله سبحانه عن التفريق بين الرسل
وقد عبّر عن الرسل باسم الأنبياء بدون فارق، والله سبحانه أمر عباده بأن يقولوا: ﴿قُولُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰٓ إِبۡرَٰهِۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَآ أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمۡ لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّنۡهُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ ١٣٦ فَإِنۡ ءَامَنُواْ بِمِثۡلِ مَآ ءَامَنتُم بِهِۦ فَقَدِ ٱهۡتَدَواْۖ وَّإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا هُمۡ فِي شِقَاقٖۖ فَسَيَكۡفِيكَهُمُ ٱللَّهُۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ ١٣٧﴾ [البقرة: 136-137]. فأمر الله عباده المؤمنين بأن يؤمنوا بكل النبيين وأن لا يفرقوا بين أحد منهم.
ولا شك أن وصف أحدهم بأنه نبي وليس برسول لكونه أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه، وبعضهم نبي رسول أن هذا هو حقيقة التفريق بينهم، إذ فيه إزالة وصف الرسالة التي هي أعلى المراتب عن بعضهم؛ لأنه وإن فسر هذ ا التفريق بالإيمان ببعضهم والكفر ببعض فإن الخطاب محتمل لهذا وذاك، إذ كِلا الأمرين تفريق بينهم، والقرآن يوجب على المؤمنين أن يؤمنوا بجميع الأنبياء بدون تفريق. وقد وصف الله نبيه والمؤمنين بالإيمان بهم جميعًا فقال تعالى: ﴿ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مِن رَّبِّهِۦ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۚ كُلٌّ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّن رُّسُلِهِۦۚ وَقَالُواْ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۖ غُفۡرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيۡكَ ٱلۡمَصِيرُ ٢٨٥﴾ [البقرة: 285].
فذكر سبحانه الأنبياء في هذه الآية باسم الرسل كما ذكرهم في الآية التي قبلها باسم النبيين، والكل حق والمعنى واحد، فالأنبياء هم المرسلون والمرسلون هم الأنبياء، كما أن الله يخاطب نبيه أحيانًا باسم النبي وأحيانًا باسم الرسول والمعنى واحد، فقوله تعالى: ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٖ مِّن رِّجَالِكُمۡ وَلَٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّۧنَ﴾ [الأحزاب: 40]. أي وخاتم المرسلين إذ النبيون هم المرسلون.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - إتحاف الأحفياء برسالة الأنبياء / " تفضيل بعض الأنبياء والرسل على بعض أمر وارد في الشرع " - المجلد 1