نماذج من دور التجار في العمل الاجتماعي
ومن المعلوم أن الأخوة الإسلامية والمحبة الدينية تستدعي العطف والحنان، والصدقة والإحسان، ومساعدة منكوبي الزمان، فإن المسلمين أخوان، والمؤمن للمؤمن كالبنيان ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ﴾ [المائدة: 2]. فإن المسلم كثير بإخوانه، قوي بأعوانه.
لكن هذا التعاون نجده موجودًا عند مسلمي الهند، فهم متمسكون بأقوى سبب منه لاعتمادهم في فعل الخير على أنفسهم، لا على حكومتهم، لهذا نراهم يقومون بإنشاء المنشآت الخيرية، من بناء المساجد والمدارس الدينية والجامعات العلمية، فيقومون ببنائها وتنظيمها بما تحتاجه من فرش وكراسي، وبناء غرف للطلاب الغرباء، ويتكفلون بالقيام بمعيشتهم، ثم إجراء رواتب الأساتذة والمتعلمين، ويحتسبون التعليم بدون راتب، وينشؤون المستشفيات للمسلمين، وللطلاب والطالبات. وإذا سألت عن موارد هذه الثروة التي تقوم بهذه المشروعات العظيمة قـالـوا: كلها من مساعدة التجار، كل منهم على حسبه، وعلى قدر رغبته في الخير، ﴿لِيُنفِقۡ ذُو سَعَةٖ مِّن سَعَتِهِۦۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيۡهِ رِزۡقُهُۥ فَلۡيُنفِقۡ مِمَّآ ءَاتَاهُ ٱللَّهُ﴾ [الطلاق: 7]. حتى إن أحد التجار قد تحمل تكاليف جامعة عظيمة؛ بناءها وتنظيمها وأجور الأساتذة والمتعلمين، وإعانتهم وإعاشتهم، كل ذلك من ماله الخاص، عمل دائم مستمر، لا يناله فيه سآمة ولا ملل. وحتى إن أحد البقالين من المسلمين يخرج كل يوم صدقة لله وفي سبيل الله، بقدر ملء كفيه من شعير أو قمح أو ذرة، حتى إذا جاءه من يتولى جمع التبرعات، وقال له: آتونا من مال الله الذي آتاكم، دفع له هذا المجموع، ويسأل الله القبول، وإنما ذكرت هؤلاء بحسن أعمالهم دعوة للناس إلى الأسوة الحسنة بهم.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الاشتراكية الماركسية ومقاصدها السيئة / " التجارة وعموم نفعها وحاجة الدولة والمجتمع إليها " - المجلد (3)