الحكمة من تفاوت الخلق في الأرزاق
والله سبحانه قد فاوت بين خلقه في الغنى والفقر، كما فاوت بينهم في العقول والأجسام، لتتم بذلك سعادتهم، وتنتظم به أمور حياتهم وراحتهم، فيخدم الغني الفقير في جلب ما يحتاجه الناس من صغير وكبير، وجليل وحقير، من كل ما لا يستطيع الفقير الحصول عليه باستقلاله بنفسه أو بأمثاله، كما أن الفقير يخدم الغني فيما هو من اختصاص عمله، وما هو من أسباب وسائل كسبه ومعيشته، من كل ما لا يستطيع الغني مباشرته بنفسه، فتتم بذلك سعادة الجميع، وتنتظم به أمور حياتهم، إذ لو أغناهم كلهم لأفقرهم كلهم، ولكن اقتضت رحمة الله بهم أن خلقهم متفاوتين في الخلق والرزق.
وانظر إلى قوله سبحانه: ﴿وَرَفَعۡنَا بَعۡضَهُمۡ فَوۡقَ بَعۡضٖ دَرَجَٰتٖ لِّيَتَّخِذَ بَعۡضُهُم بَعۡضٗا سُخۡرِيّٗاۗ وَرَحۡمَتُ رَبِّكَ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ ٣٢﴾ [الزخرف: 32]. وقد قيل:
والناس للناس من بدو وحاضرةٍ
بعضٌ لبعضٍ وإن لم يشعروا خدَمُ
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الاشتراكية الماركسية ومقاصدها السيئة / " مقدمة الرسالة " - المجلد 3