قصة سراقة بن مالك وطلبه للنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر في طريق الهجرة
إن المشركين من قريش ذهبوا في طلبهما كل مذهب وجعلوا لمن يرشد عنهما مائة من الإبل عن كل واحد منهما، فجاء رجل إلى قوم جلوس فيهم سراقة بن مالك بن جعشم فقال: يا سراقة، إني رأيت أسودة بالساحل ولا أراها إلا محمدًا وأصحابه. فقال سراقة: فعرفت أنهم هم. فقلت له: إنهم ليسوا بهم ولكنك رأيت فلانًا وفلانًا، أريد أن أعمي خبرهما حتى أفوز بالإبل، ثم قمت فدخلت بيتي وأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي وأخذت رمحي وركبت فرسي حتى إذا قربت منهما إذ سمعت قراءة رسول الله ﷺ وأبو بكر يكثر الالتفات ورسول الله لا يلتفت، ويقول أبو بكر: يا رسول الله، لقد لحقنا الطلب. ورسول الله يقول: «لا تحزن إن الله معنا». فأرسل رسول الله عليه سهمًا من سهام الدعاء، فساخت قوائم فرسه في الأرض حتى بلغت الركبتين قال: فخررت عنها فناديتهم بالأمان فوقفوا وعرفت حينئذ أنه سيظهر أمر رسول الله على الناس، فقلت له: لله علي أن أرد كل من جاء في طلبك، فادع الله لي أن يخرج فرسي. فدعا الله وخرجت فرسه وصدق في قوله فكان لا يجيء أحد من الطلب إلى رده ويقول: قد كفيتم ما هنالك.
ولما سمع أبو جهل بخبر سراقة بن مالك أخذ يلومه ويعنفه حيث لم يرده، فقال سراقة بن مالك مجيبًا له:
أبا حكم والله لو كنت شاهدًا
لأَمْر جوادي حين ساخت قوائمُهْ
علمت ولم تشككْ بأن محمدًا
رسولٌ ببرهانٍ فمن ذا يقاومُهْ
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الملحق بكتاب الجهاد المشروع في الإسلام / "هجـرة رسـول اللـه ﷺ بنفسـه الكريمـة" - المجلد (3)