سوق الجنة واجتماع أهل الجنة فيه
إن هناك سوقًا في الجنة يجتمع فيه أهل المنزلة العالية، والمنزلة الدانية، فيسأل بعضهم بعضًا، كما ثبت في صحيح الترمذي أن سعيد بن المسيب لقي أبا هريرة في السوق فقال: يا سعيد أسأل الله أن يجمع بيني وبينك في سوق الجنة. فقال: أوفي الجنة سوق؟ قال: نعم إنه إذا كان يوم المزيد في الآخرة وهو يوم الجمعة في الدنيا؛ فيأذن الرب لأهل الجنة في زيارته، ويجلسون إليه، ويتجلى لهم، فما أعطوا نعيمًا أفضل من النظر إلى وجه الله الكريم، فما يبقى في ذلك المجلس رجل إلا حاوره الله، فيذكره ببعض أفعاله في الدنيا. فيقول: يا رب ألم تغفر لي، فيقول الله: بلى، فبسعة مغفرتي بلغت منزلتك هذه. ثم يقول الله: قوموا إلى ما أعددت لكم. ثم يقومون إلى سوق قد حفته الملائكة، فيه ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فيأخذون منه بلا عقد، ولا نقد ثمن، فهذا يوم المزيد.
وثبت في القرآن الكريم وقوع التخاطب بين أهل الجنة وأهل النار، وأن كل فريق منهما ينادي الفريق الثاني ويسأله عن حاله ومحله، وكيف مصيره، قال الله سبحانه: ﴿وَنَادَىٰٓ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِ أَصۡحَٰبَ ٱلنَّارِ أَن قَدۡ وَجَدۡنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّٗا فَهَلۡ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمۡ حَقّٗاۖ قَالُواْ نَعَمۡۚ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُۢ بَيۡنَهُمۡ أَن لَّعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّٰلِمِينَ ٤٤﴾ [الأعراف: 44]. وقال: ﴿وَنَادَىٰٓ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ أَنۡ أَفِيضُواْ عَلَيۡنَا مِنَ ٱلۡمَآءِ أَوۡ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُۚ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ ٥٠ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمۡ لَهۡوٗا وَلَعِبٗا وَغَرَّتۡهُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَاۚ فَٱلۡيَوۡمَ نَنسَاهُمۡ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوۡمِهِمۡ هَٰذَا وَمَا كَانُواْ بَِٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ ٥١﴾ [الأعراف: 50-51].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - البراهين والبينات في تحقيق البعث بعد الوفاة / " بيان سوق الجنة وتلاقي الناس فيه " - المجلد (1)