شرط الانتفاع بالعلوم النافعة وما يصرف عنها
إن الكاتب - رحمه الله - (صاحب كتاب "الجهاد في الإسلام بين الطلب والدفاع") أشار في كتابه بأنه نظر في عشرين بحثًا من عشرين كتابًا فلم يجد فيها ما يشفيه، وعرف من غضونها أن الدين فقد ما يجب أن لا يفقده. فلو نظر في كتابنا الجهاد المشروع في الإسلام بفكر حاضر وقلب واع لوجد فيه ما يشفيه.
إن من شرط الانتفاع بالبحوث النافعة كونه يتلقاها بصدر رحب وعدم نفرة وكراهية لها، أما إذا نظر إليها بكراهية ونفرة فإنه لا يكاد يراها ولا يسمعها، كما قال سبحانه: ﴿مَا كَانُواْ يَسۡتَطِيعُونَ ٱلسَّمۡعَ وَمَا كَانُواْ يُبۡصِرُونَ ٢٠﴾ [هود: 20]. لكون الإنسان إذا اشتدت كراهيته للشيء لم يكد يراه ولا يسمعه وتشتد نفرته منه.
وإن من طبيعة أكثر البشر كون أحدهم إذا جهل شيئا عابه، وبادر بإنكاره، وذلك لا يغنيه من الحق شيئا فكم من لائم ملوم.
وكم من عائب قولاً صحيحًا
وآفته من الفهم السقيم
والله سبحانه قد ضمن للحق البقاء، ﴿أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَسَالَتۡ أَوۡدِيَةُۢ بِقَدَرِهَا فَٱحۡتَمَلَ ٱلسَّيۡلُ زَبَدٗا رَّابِيٗاۖ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيۡهِ فِي ٱلنَّارِ ٱبۡتِغَآءَ حِلۡيَةٍ أَوۡ مَتَٰعٖ زَبَدٞ مِّثۡلُهُۥۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡحَقَّ وَٱلۡبَٰطِلَۚ فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذۡهَبُ جُفَآءٗۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمۡكُثُ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ ١٧﴾ [الرعد: 17].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الملحق بكتاب الجهاد المشروع في الإسلام / "فصل [في قاعدة قتال الكفار]" - المجلد (3)