رأي ابن القيم في الجهاد بالحجة

وقد رُفع إلى العلامة ابن القيم رحمه الله خصومة وقعت بين رجلين أحدهما مسلم والآخر كافر تناظرا في مسألة علمية واشتد نزاعهما فيها، وكأن النصراني لم يجد عند المسلم ما يشفيه ولا وقع دواؤه على الداء الذي فيه، فسطا به المسلم ضربًا وقال: هذا جواب مسألتك. عند ذلك قال النصراني: صدق قومنا إذ يقولون: إنما قام الإسلام بالسيف ولم يقم بالكتاب. ثم تفرقا، هذا ضارب وهذا مضروب، وضاعت الحجة بين الطالب والمطلوب، فعمل العلامة ابن القيم رحمه الله عمله في الحكم بينهما فقال: لقد شمر المجيب عن ساعد العزم، ونهض على ساق الجد والحزم، ولم يقل مقالة العجزة الجهال: إن الكفار إنما يعاملون بالجلاد دون الجدال، وهذا فرار من الزحف وإخلاد إلى الضعف، ومجادلة الكفار بعد دعوتهم إقامة للحجة عليهم وإزاحة للعذر، ﴿لِّيَهۡلِكَ مَنۡ هَلَكَ عَنۢ بَيِّنَةٖ وَيَحۡيَىٰ مَنۡ حَيَّ عَنۢ بَيِّنَةٖ﴾ [الأنفال: 42].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الملحق بكتاب الجهاد المشروع في الإسلام / "فصل [في قاعدة قتال الكفار]" - المجلد (3)