فتح مكة ونهيه صلى الله عليه وسلم عن قتل من لم يقاتل
وقد فتح الصحابة كثيرًا من البلدان بالقرآن بهذه الصفة وهنا نفس ما فعله رسول الله في فتح مكة، فإن قريشًا لما نقضوا العهد الذي أبرمه رسول الله معهم في صلح الحديبية بهجومهم على خزاعة وقتلهم لهم على حين غفلة منهم وكانت خزاعة قد دخلت في عقد رسول الله وعهده، فانتقض بذلك عهد قريش مع رسول الله، فعزم على غزوهم وقال: «اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها» فسار بالصحابة نحوهم عام ثمانية من الهجرة وأعطى راية الأنصار سعد بن عبادة ولما سمعه يرتجز بتمنيه للقتال ويقول: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل فيه الكعبة. أخذ الراية منه ودفعها إلى ابنه قيس، وقال للصحابة: «إنه سيلقاكم أوباش قريش فإياكم أن تحصدوهم» كما سيأتي الكلام موضحًا في فتح مكة حيث مَنّ رسول الله على جميع أهلها، يقول الله: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي كَفَّ أَيۡدِيَهُمۡ عَنكُمۡ وَأَيۡدِيَكُمۡ عَنۡهُم بِبَطۡنِ مَكَّةَ مِنۢ بَعۡدِ أَنۡ أَظۡفَرَكُمۡ عَلَيۡهِمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرًا ٢٤﴾ [الفتح: 24].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الملحق بكتاب الجهاد المشروع في الإسلام / "تحقيق معنى الجهاد بالدفاع" - المجلد (3)