كتابة المقادير عبارة عن سبق علم الله بالأشياء قبل وقوعها

وإننا عندما نقرأ أو نسمع ما ثبت عن الله ورسوله في كتابة المقادير يجب أن نفهم بأن هذه الكتابة هي من عالم الغيب، فلا ينبغي أن نقيسها على الكتابة التي نكتبها بأيدينا، ولا على القلم الذي نكتب به، بل هي عبارة عن سبق علم الله بالأشياء قبل وقوعها، فإنه سبحانه يعلم ما كان وما سيكون كيف يكون. فهـي بمثابة المكتوب المضبوط في علم الله تعالى، عبر عنها سبحانه بالكتابة، كما يقول الرجل لصاحبه: حاجتك مكتوبة في صدري. إذا أراد الاعتناء بها، على أن من طبيعة الإنسان النسيان، وبه سمي إنسانًا، قيل: من أجل نسيانه. واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: ﴿وَلَقَدۡ عَهِدۡنَآ إِلَىٰٓ ءَادَمَ مِن قَبۡلُ فَنَسِيَ وَلَمۡ نَجِدۡ لَهُۥ عَزۡمٗا ١١٥﴾ [طه: 115]. وأنشدوا: وما سمي الإنسان إلا لنسيه وما القلب إلا أنه يتقلب وقيل: من أجل أنه يأنس بغيره لأنه اجتماعي بالطبع، والله سبحانه لا تأخذه سنة ولا نوم، ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمۡرِ رَبِّكَۖ لَهُۥ مَا بَيۡنَ أَيۡدِينَا وَمَا خَلۡفَنَا وَمَا بَيۡنَ ذَٰلِكَۚ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّٗا ٦٤﴾ [مريم: 64]. ﴿وَوُضِعَ ٱلۡكِتَٰبُ فَتَرَى ٱلۡمُجۡرِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَٰوَيۡلَتَنَا مَالِ هَٰذَا ٱلۡكِتَٰبِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةٗ وَلَا كَبِيرَةً إِلَّآ أَحۡصَاهَاۚ وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرٗاۗ وَلَا يَظۡلِمُ رَبُّكَ أَحَدٗا ٤٩﴾ [الكهف: 49]. وكتابته للأشياء إشارة إلى علمه بسائر المعلومات لا تخفى عليه خافية من أمر خلقه، فهي كالمكتوب المضبوط في علمه، إذ ليس عندنا وصف الكتابة ولا القلم المكتوب به ولا المكتوب فيه.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الإيمان بالقضاء والقدر على طريقة أهل السنة والأثر / " كتابـة المقَـادير [كتابة الله للأشياء إشارة إلى سبق علم الله بسائر المعلومات من لدن خلق الله الخلق إلى يوم القيامة] " - المجلد (1)