تحقيق القرآن أن المشركين هم من بدؤوا بالعدوان

ومنها (أي من أدلة بغض المشركين للمسلمين وعداوتهم لهم) أن الله سبحانه أكد ابتداء المشركين بالاعتداء على النبي ﷺ وعلى أصحابه في بداية الأمر ونهايته، فقال سبحانه: ﴿أَلَا تُقَٰتِلُونَ قَوۡمٗا نَّكَثُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ وَهَمُّواْ بِإِخۡرَاجِ ٱلرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٍۚ أَتَخۡشَوۡنَهُمۡۚ فَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخۡشَوۡهُ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ ١٣ قَٰتِلُوهُمۡ يُعَذِّبۡهُمُ ٱللَّهُ بِأَيۡدِيكُمۡ وَيُخۡزِهِمۡ وَيَنصُرۡكُمۡ عَلَيۡهِمۡ وَيَشۡفِ صُدُورَ قَوۡمٖ مُّؤۡمِنِينَ ١٤ وَيُذۡهِبۡ غَيۡظَ قُلُوبِهِمۡ﴾ [التوبة: 13-15]. فأثبت سبحانه بداية المشركين بالاعتداء على الرسول وأصحابه في بداية الأمر ونهايته، وأنهم نكثوا أيمانهم وعهودهم التي أبرموها مع الرسول في صلح الحديبية، وأنهم هموا بإخراج الرسول كما حصروه مع عمه أبي طالب في الشعب يطالبون أبا طالب بتسليمه إليهم ليقتلوه. وهذا معنى قول أبي طالب في قصيدته: والله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسّدَ في التراب دفينا وإنما اشتد الأذى بالرسول بعد موت أبي طالب، بل وهموا بقتله حيث اتفقوا على أن يدفعوا لكل رجل سيفًا فيضربونه جميعًا بسيوفهم فيضيع دمه بينهم، فأطلع الله رسوله على ذلك وأذن له بالهجرة وأنزل الله: ﴿وَإِذۡ يَمۡكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثۡبِتُوكَ أَوۡ يَقۡتُلُوكَ أَوۡ يُخۡرِجُوكَۚ وَيَمۡكُرُونَ وَيَمۡكُرُ ٱللَّهُۖ وَٱللَّهُ خَيۡرُ ٱلۡمَٰكِرِينَ ٣٠﴾ [الأنفال: 30].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الملحق بكتاب الجهاد المشروع في الإسلام / " المقدمة" - المجلد (3)