الردة موجبة للقتل

وأيضًا فلو كان مجرد الكفر موجبًا للقتل لم يجز إقرار كافر بالجزية والصغار. فإن هذا لم يبذل الكفر. ولهذا لما كانت الردة موجبة للقتل لم يجز إقرار مرتد بجزية وصغار. وبهذا يظهر الجواب عما أورده بعض الزنادقة - قيل: هو ابن الرواندي - على قوله تعالى: ﴿لَّقَدۡ جِئۡتُمۡ شَيۡ‍ًٔا إِدّٗا ٨٩ تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرۡنَ مِنۡهُ وَتَنشَقُّ ٱلۡأَرۡضُ وَتَخِرُّ ٱلۡجِبَالُ هَدًّا ٩٠ أَن دَعَوۡاْ لِلرَّحۡمَٰنِ وَلَدٗا ٩١ وَمَا يَنۢبَغِي لِلرَّحۡمَٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا ٩٢ إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ إِلَّآ ءَاتِي ٱلرَّحۡمَٰنِ عَبۡدٗا ٩٣ لَّقَدۡ أَحۡصَاهُمۡ وَعَدَّهُمۡ عَدّٗا ٩٤ وَكُلُّهُمۡ ءَاتِيهِ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَرۡدًا ٩٥﴾ [مريم: 89-95]. فقال: هذا كله يزول إذا أدى دينارًا في السنة، أو ما يشبه هذا. فيقال لهذا الملحد: الجزية والصغار لم تكن جزاء كفره، وإنما جزاء كفره نار جهنم خالدًا فيها أبدًا. ونحن قد بينا أن القتال لم يكن على مجرد كفره. فغاية الجزية والصَّغار أن تكون عاصمة لدمه من السيف، والسيف لم يجزه على كفر ولا دفع به عنه عقوبة الآخرة، بل أريد دفع شره وعدوانه، وصده لغيره عن الدين. وهذا الشر يزول بالصغار والجزية مع العهد، فإنه بالصغار مع العهد كف يده ولسانه. ثم إنه ليس من أهل القتال، بل المسلمون يقاتلون عنه ويحفظون دمه وماله من عدوه. فإذا أخذ منه ما يكون فيئًا يستعين به أهل الجهاد كان هذا من تمام الإحسان إليه.
مجموع رسائل الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله | رسالة "الجهاد المشروع في الإسلام"/ "قاعدة في قتال الكفار.. لشيخ الإسلام ابن تيمية"