أحكام مهادنة الكفار

تخصيص أهل الكتاب بالذكر في آية الجزية فَهِم منه طائفة أن غيرهم يقاتل مطلقًا وإن أدى الجزية عن يد وهو صاغر، وفَهِم الأكثرون منه أن هذا من باب تنبيه الخطاب وفحواه، فإنه إذا كان أهل الكتاب لا يجوز مهادنتهم إلا مع الجزية والصغار فغيرهم أولى بذلك. فهو نهي عن مهادنة الكفار بغير جزية وصغار، كما كان الأمر عليه أولاً في حالة ضعف الإسلام، كان يهادن الكفار من المشركين وأهل الكتاب بغير جزية وصغار. وأهل خيبر بعد فتحها أقرهم فيها بغير جزية فنسخت آية الجزية ذلك. ولهذا أخذ الجزية من المجوس وليسوا من أهل الكتاب، وهذا مذهب الأكثرين؛ أنه يجوز مهادنة جميع الكفار بالجزية والصغار، وهذا يناسب الأصل الذي قال به الجمهور، وهو أنه كان القتال لأجل الحرب، فكل من سالم ولم يحارب لا يقاتل، سواء كان كتابيًّا أو مشركًا، والجمهور يقولون بهذا، وهذا هو مذهب مالك وأبي حنيفة وغيرهما. ثم ذكر (يعني شيخ الإسلام ابن تيمية) أن عمر لم يأخذ الجزية من المجوس حتى أخبره عبد الرحمن بن عوف أن النبي ﷺ أخذها من مجوس هجر.
مجموع رسائل الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله | رسالة "الجهاد المشروع في الإسلام"/ "قاعدة في قتال الكفار.. لشيخ الإسلام ابن تيمية"