غلط من قال إن: ﴿وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ﴾ منسوخة بقوله: ﴿وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡ﴾
فمن قال: إن قوله: ﴿وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ﴾ [البقرة: 190]. منسوخ بقوله: ﴿وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡ﴾ إن كان قد ظن أن قوله: ﴿ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ﴾ أنهم لا يقتلون إلا حال قتالهم، فقد غلط في فهم الآية، وكيف تكون منسوخة بقوله: ﴿وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡ﴾ اللهم إلا أن يكون قائل هذا القول ممن يُسمي تقييد المطلق وتخصيص العام نسخًا، حتى قد يسمي الاستثناء نسخًا، وهذا اصطلاح جماعة من السلف، فكل آية رفعت ما يظن من دلالة أخرى قالوا: إنها نسختها. وتسمية هذا نسخًا مطابق للغة، كما سمى الله رفع ما ألقى الشيطان نسخًا بقوله: ﴿فَيَنسَخُ ٱللَّهُ مَا يُلۡقِي ٱلشَّيۡطَٰنُ ثُمَّ يُحۡكِمُ ٱللَّهُ ءَايَٰتِهِۦ﴾ [الحج: 52]. وكذلك قول من يقول: قوله: ﴿فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ﴾ [التغابن: 16]. ناسخ لقوله: ﴿ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ﴾ [آل عمران: 102]. مع أن هذه في آل عمران وهي مدنية، وتلك في التغابن وهي مكية، أو بعضها.