الأحكام المستنبطة من الآية ﴿وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ﴾
وقولهم: هذه (يعني الآية: ﴿وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ﴾) تقتضي أن القتال مباح في حق من قاتل من الكفار، ولا يباح في حق من لم يقاتل، وهذا منسوخ بقوله تعالى: ﴿وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡ﴾.
يقال: قوله: ﴿وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡ﴾ مذكور في موضعين: أحدهما هذا الموضع وهو قوله: ﴿وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡ وَأَخۡرِجُوهُم مِّنۡ حَيۡثُ أَخۡرَجُوكُمۡ﴾ [البقرة: 191]. وهذا متصل بقوله: ﴿وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ ١٩٠ وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡ وَأَخۡرِجُوهُم مِّنۡ حَيۡثُ أَخۡرَجُوكُمۡ﴾ [البقرة: 190-191]. فالضمير عائد إلى هؤلاء الذين يقاتلون المؤمنين، هم الذين قال: ﴿وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡ﴾، وهذا لا يناقض ما تقدم، بل من كان من المحاربين المقاتلين للمؤمنين فإنه يقتل حيث ثُقِف، وليس من حكمه أن لا يقاتل إلا في حال قتاله، بل متى كان من أهل القتال الذي يخيف المسلمين، ومن شأنه أن يقاتل، قُتِل قائمًا أو قاعدًا أو نائمًا، وهو يقتل أسيرًا، فقد قتل النبي ﷺ غير واحد بعد الأسر، مثل، عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث، وحكم سعد بن معاذ في بني قريظة لما نزلوا أن يُقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم، فقتلهم كلهم وكانوا مائتين.