رد الشيخ ابن زيد على الشنقيطي في توجيهه لحديث ابن عباس مع أبي الصهباء
فالجواب: أن الشيخ ( الشيخ محمد أمين الشنقيطي ) - رحمه الله - في تقريره قد تهالك في تقوية رأيه ونصر مذهبه، على حسب ما يعتقد من جعل الثلاث متى وقعت بلفظ واحد أو ألفاظ متعددة فإنه طلاق شرعي غير بدعي، فإن قوله سبحانه: ﴿ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِۖ﴾ يريد به الطلاق الشرعي، وكونه يقع عند ابتداء كل طهر. وهذا معنى قوله: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحۡصُواْ ٱلۡعِدَّةَۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمۡۖ لَا تُخۡرِجُوهُنَّ مِنۢ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخۡرُجۡنَ إِلَّآ أَن يَأۡتِينَ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدۡ ظَلَمَ نَفۡسَهُۥۚ لَا تَدۡرِي لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحۡدِثُ بَعۡدَ ذَٰلِكَ أَمۡرٗا ١﴾ [الطلاق: 1]. أي في قُبل عدتهن، كما قال ابن عباس: إن الطلاق عند كل طهر. ثم إنه حاول إدخال هذه الرواية الضعيفة التي فيها طلاق غير المدخول بها، فساق قول ابن عباس: إن الإنسان إذا طلق امرأته غير المدخول بها ثلاثًا جعلوها واحدة، يوهم الناس أن الإجماع السابق الذي كان على عهد رسول الله وأبي بكر وصدرًا من خلافة عمر أنه طلاق غير المدخول بها فسبحان الله!.. كيف يتم صرف الكلام إلى غير المعنى المراد منه، فإن غير المدخول بها تَبين بواحدة بقوله سبحانه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نَكَحۡتُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ ثُمَّ طَلَّقۡتُمُوهُنَّ مِن قَبۡلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمۡ عَلَيۡهِنَّ مِنۡ عِدَّةٖ تَعۡتَدُّونَهَاۖ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا ٤٩﴾ [الأحزاب: 49]. فهذه القضية لا خلاف فيها بين الصحابة ولا عند العلماء الذين ينكرون الطلاق بالثلاث كشيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيّم وغيرهما. ثم إن قوله: إن الرجل إذا قال لامرأته: أنت طالق أنت طالق أنت طالق. فإنها تعتبر ثلاثًا. يريد أن يجعل هذا الطلاق بصفته طلاقًا شرعيًا، ونحن إنما نحمل قوله مع جلالة قدره وسعة علمه على عدم التفقه في الطلاق الشرعي، لكونه قد صرف جُلّ علمه وجلّ فهمه في الطلاق البدعي، يحاول جعله شرعيًّا، فأنى له برفع أنف جدَّعته المخالب.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الحكم الشرعي في الطلاق السني والبدعي " / عمر بن الخطاب وإمضاء الطلاق بالثلاث || المجلد (2)