غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم على المطلق ثلاثا دليل على التحريم لا الإباحة

ثم قال الكاتب ( الشيخ محمد أمين الشنقيطي رحمه الله ) : (ومن أدلة وقوع الثلاث جميعًا ما رواه النسائي: عن محمود بن لبيد قال: أُخبر رسول الله ﷺ عن رجل طلق امرأته ثلاثًا جميعًا، فقام غضبانًا، فقال: «أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم» حتى قال رجل: أفلا أضرب عنقه يا رسول الله؟ أي: من شدة غضبه عليه. ووجه الاستدلال بهذا الحديث أن المطلِّق يظن الثلاث المجموعة واقعة، فلو كانت لا تقع لبيَّن النبي ﷺ أنها لا تقع، لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه، ويقول: إن المناسب لمرتكب الجريمة التشديد لا التخفيف). فالجواب: أن هذا الكاتب قد حذق في قلب الحقائق، وأن الاحتجاج بهذا الحديث يعد من قبيل ذلك، فهو حُجة عليه لا له؛ فالاحتجاج به على التحريم آكد لا الإباحة، والاستدلال به على الوقوع من باب التكهن والزيادة في الحديث ما ليس فيه، ولا يدل عليه بشيء من وجوه الدلالات البتة، ولكن المقلد لا يبالي في سبيل تقليده بما اتفق له، إذ كيف يُظن برسول الله ﷺ أنه أجاز عمل من استهزأ بكتاب الله تعالى وصححه واعتبره في شرعه وحكمه، ونفذه وقد جعله مستهزئًا بكتاب الله تعالى؟! وهذا صريح في أن الله سبحانه وتعالى لم يشرع جمع الثلاث، ولا جعله في أحكامه. وحسبك شدة غضب رسول الله ﷺ في إنكاره، وهو لا يغضب إلا إذا انتهكت محارم الله، وإلا فإن من صفته أنه ﴿عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِيصٌ عَلَيۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ ١٢٨﴾ [التوبة: 128]. ولما استبدل هذا الرجل الطلاق الرجعي الذي هو سنة الله ورسوله بالطلاق البدعي، فعند ذلك اشتد غضب رسول الله ﷺ عليه، حتى قال رجل: أفلا أضرب عنقه يا رسول الله؟ وليس من هديه أنه يقابل الإساءة بالإساءة، ولا يغضب إلا إذا انتهكت محارم الله. كما قال بديل بن ورقة: فيهم رسول الله قد تجردا إن سِيمَ خسفًا وجهه تعربدا
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الحكم الشرعي في الطلاق السني والبدعي " / غضب رسول الله ﷺ من الذي طلق ثلاثًا بلفظ واحد || المجلد (2)