فقد فسّر القرآنُ والسنةُ ﴿ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِۖ﴾ بكونها تقع مرة في خلال العدة

ثم قال الكاتب (أي الشيخ محمد أمين الشنقيطي ): (اعلم أن من أدلة القائلين بلزوم الثلاث مجتمعة حديث سهل بن سعد الساعدي الثابت في الصحيحين في لعان عويمر العجلاني وزوجه، فإن فيه: فلما فرغا قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها. فطلقها ثلاثًا قبل أن يأمره رسول الله ﷺ. أخرج البخاري هذا الحديث تحت الترجمة المتقدمة عنه، ووجه الدليل منه أنه أوقع الثلاث في كلمة واحدة ولم ينكره رسول الله ﷺ. ثم استدل بقول الكرماني في قوله تعالى: ﴿ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِۖ﴾ [البقرة: 229]: فيؤخذ منه جواز الطلاق بالثلاث بلفظ واحد، لكونه إذا جاز جمع الطلقتين دفعة واحدة جازت الثلاث). فالجواب: أن فضيلة الكاتب يظهر من تعصبه لمذهبه بما نُشاهد من صرفه الكَلِم إلى غير المعنى المراد منه، فقد فسّر القرآنُ والسنةُ ﴿ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِۖ﴾ بكونها تقع مرة في خلال العدة، وهي رحمة من الله لعباده، حيث لم يجعل الطلاق مرة واحدة، بل جعل له ميدانًا من السعة بمدة وضع الحمل، أو بحيضها ثلاث مرات، أو ببقائها في العدة ثلاثة أشهـر في حق الآيسة والصغيرة، لِيتَروى المطلِّق في أمره وتذهب عنه ثورة الغضب والحنَق، ثم يعاوده عقله وفكرته في خلال هذه المدة، فيراجع زوجته بدون عقد ولا ولي ولا شهود، لكون الرَّجعية زوجية، بخلاف من يرى جواز وقوع الثلاث دفعة واحدة في مكان واحد، وتُسمى المبتوتة، فهؤلاء يبطلون حكم الله فيما شرع لعباده من التربُّص والتريث مدة بقاء العدة، ويحكمون بأنه لا نفقة لها ولا كسوة ولا سُكنى، فيجمعون لها بين الحشف وسوء الكيل والفراق السيئ لا التسريح بإحسان.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الحكم الشرعي في الطلاق السني والبدعي " / الطلاق بعد اللعان بين الزوجين لغو لا معنى له || المجلد (2)