جميع العقلاء متفقون على استحسان تخفيف مؤن النكاح
إن جميع العقلاء قاطبة متفقون على استحسان تخفيف مؤن النكاح لشمول نفعها لجميع الرجال والنساء، وإن التقليل في المهر وفي سائر مؤن النكاح مندوب إليه، لأن المهر إذا كان قليلاً لم يستصعب الزواج على الفقراء الذين هم الأكثر في الغالب غير متزوجين، أما إذا كان المهر كثيرًا فإنه لا يتمكن من الزواج إلا أرباب الأموال الكثيرة ويكون الضرر فيه على النساء أكثر، إذ قد يؤول بهن إلى سوء الحالة فيقعن في رد الفعل فتصير النساء هن اللاتي يعطين المهور للرجال ليتزوجوهن، كما هي عادة النصارى، وقد حذر النبي ﷺ من عاقبة هذا الفعل، فقال: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض» رواه الترمذي من حديث أبي هريرة.
ولهذا لم يجعل النبي ﷺ لأقله حدًّا محدودًا، بل أجازه بنعلين، وبخاتم من حديد، وبوزن نواة من ذهب، وبتعليم شيء من القرآن، ومن أعطى ملء كفيه من طعام فقد استحل، فليس هو من أمور العبادات، كالصيام والصلاة التي يجب التوقيف فيها، فلا يزاد فيها ولا ينقص منها، بل هو من أمور الحياة الموكول تنظيمها إلى اجتهاد أهل العقول والمعرفة، كبناء البيوت وغيرها.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " تحديد الصداق ومعارضة المرأة لعمر بن الخطاب في ذلك " / وليمة العرس || المجلد (2)